رواية العائش في الحقيقة: رحلة نجيب محفوظ في كشف أسرار الإيمان والسلطة والحب

رواية العائش في الحقيقة: رحلة نجيب محفوظ في كشف أسرار الإيمان والسلطة والحب
رواية العائش في الحقيقة

الفصل الخامس من رواية العائش في الحقيقة

في الفصل الخامس من رواية العائش في الحقيقة لنجيب محفوظ، نرى التحولات النهائية والمصيرية في حياة أخناتون وتطور أحداث حكمه، حيث يصبح الصراع الذي بدأه أكثر حدة ودرامية. يستمر أخناتون في مواجهة الضغوط المتزايدة من قبل الكهنة، الشعب، وحتى بعض أفراد أسرته، ويبدأ في الشعور بالعواقب الحقيقية لقراراته الراديكالية. يصوّر هذا الفصل انهيار التوازنات الدقيقة التي حاول أخناتون إقامتها، ويعرض محفوظ كيف أصبحت المدينة التي بناها مركزاً لصراع بين القديم والجديد.

يجد أخناتون نفسه في مواجهة مباشرة مع النتائج الوخيمة لسياساته الدينية، إذ أن حالة الاستياء الشعبي تتصاعد، ويزداد تمرد الكهنة الذين يرون في أخناتون عدواً صريحاً لعقيدتهم القديمة. ينقل محفوظ للقارئ شعور أخناتون بالخذلان، حيث يدرك أنه رغم كل جهوده، لم يتمكن من تغيير قلوب الناس ولا تحطيم النظام القديم. هذا الصراع يترك أخناتون في حالة من الإحباط، ويبدأ يشك في إمكانية تحقيق رؤيته.

يُظهر الفصل تصاعد التوترات السياسية، حيث يبدأ الكهنة في تنظيم تمرد علني ضد حكم أخناتون. يعود الكهنة إلى استخدام نفوذهم على الناس لزعزعة استقرار النظام الحاكم وإثارة الشكوك حول قدرة أخناتون على القيادة. يبدأون في التأثير على الشعب لدفعه للتخلي عن ولائه للملك الجديد، مما يخلق موجة من الاضطرابات التي تهدد المدينة الجديدة “أخيتاتون”. ويصور محفوظ كيف أن الحلم الذي أراد أخناتون تحقيقه بدأ يتحول إلى كابوس سياسي وديني.

يكشف أيضاً عن التوترات المتزايدة في العلاقة بين أخناتون وزوجته نفرتيتي. مع تصاعد الضغوط، تبدأ نفرتيتي بالتأثر بالمعارضة المتزايدة وتشعر بالقلق حول مستقبل زوجها ومملكتهما. تزداد الاختلافات بينهما، حيث يبدو أن نفرتيتي تميل إلى التفكير بشكل أكثر واقعية حول تبعات قرارات أخناتون، بينما يظل هو متمسكاً بمعتقداته رغم النتائج المدمرة. هذا الانفصال العاطفي بينهما يعمّق إحساس أخناتون بالعزلة، ويبرز تأزم الوضع السياسي والشخصي معًا.

محفوظ يصوّر في هذا الفصل أخناتون في لحظات من التأمل العميق، حيث يجد نفسه وحيداً في مواجهة شعبه ونفسه. رغم أن أخناتون كان يرى نفسه حاملاً لرسالة روحية، إلا أنه يكتشف أن الناس لم يكونوا مستعدين لتقبل هذا التحول الكبير. يجد أخناتون نفسه محاصراً بين إيمانه العميق بعقيدته وبين إدراكه بأن ملكه على وشك الانهيار، مما يزيد من شعوره بالعجز والتوتر النفسي.

يتحول حلم أخناتون إلى واقع مرير، حيث يظهر بوضوح أن جهوده لبناء مجتمع موحد حول عبادة “آتون” قد باءت بالفشل. يصوّر محفوظ انهيار هذا الحلم، الذي تحوّل من طموح نبيل إلى كابوس سياسي وعائلي. يبدأ الناس بالتشكيك في قدرات أخناتون كحاكم، ويعودون تدريجياً إلى معتقداتهم القديمة، مما يمثل ضربة قاضية لأفكاره المثالية.

الفصل الخامس من رواية العائش في الحقيقة يمثل الذروة في أحداث الرواية، حيث يصل الصراع بين أخناتون والقوى التقليدية إلى نقطة اللاعودة. يعكس محفوظ من خلاله مسيرة أخناتون المليئة بالتحديات والصعوبات، ويصور التراجيديا التي قد يواجهها المصلحون الذين يحاولون تحدي تقاليد المجتمع.

 


انتقل الي الفصل السادس